لقوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠)) [البقرة : ٢ / ٤٠].
ثم أمر الله تعالى باتقاء النار التي أعدت للعصاة والكافرين ، واتقاؤها يكون بطاعة الله وامتثال أوامره وترك المعاصي والمنكرات ، والنار سبع طبقات ، العليا منها وهي جهنم للعصاة ، والخمس للكفار ، والدرك الأسفل للمنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر.
ثم أمر الله بطاعته وطاعة رسوله ، والطاعة موافقة الأمر كما أراد الآمر ، كي يرحمنا الله في الدنيا بصلاح الحال وانتظام الأمر ، وفي الآخرة بحسن الجزاء ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ..» (١).
والطاعة تتطلب المبادرة إلى فعل ما يوجب مغفرة الله ، وجزاء المطيعين جنات فسيحات واسعات عرضها كعرض السماء والأرض ، أعدت للمتقين الذين وقوا أنفسهم من عذاب الله بالعمل الصالح ، وأوصاف المتقين هي :
الذين ينفقون في السراء والضراء ، في الشدة والرخاء ، ويكتمون غيظهم ، ويملكون أنفسهم عند الغضب ، فلا يعتدون على الآخرين إذا كانوا في قوة ومنعة ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من كظم غيظا ، وهو يقدر على إنفاذه ، ملأه الله أمنا وإيمانا» (٢).
وهم أيضا يعفون عن مساوئ الناس ويتجاوزون عن ذنوبهم بطيب خاطر وطواعية ، والعفو عن الناس من أجلّ أفعال الخير ، وهم أيضا يحسنون إلى من أساء إليهم ، والله يحب المحسنين ، وهؤلاء المتقون إذا فعلوا فاحشة أو ذنبا كبيرا يضر كالزنا والربا ، والغيبة والنميمة ، أو ذنبا صغيرا لا يتعدى إلى غيرهم ، ذكروا عقاب
__________________
(١) أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
(٢) حديث حسن أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر.