الأعمال العامة النافعة ، وإذا لم يعلم الله وقوع الجهاد والصبر ، فذلك دليل على عدم وقوعه بالفعل من المؤمنين.
ثم عاتب الله بعض المؤمنين الذين يعتمدون على الأماني والتمنيات ، فلقد تمنى المتخلفون من المؤمنين يوم بدر حضور قتال المشركين مع النبي صلىاللهعليهوسلم ، لينالوا منزلتهم العالية ، فلما جد الجد ، وجاء يوم أحد ، واحتدمت المعركة ، لم يصدق كل المؤمنين في القتال ، وتوانوا وقصّروا ، وانحازوا إلى الجبل والرسول يدعوهم إلى الصمود والقتال ، فلا يجيبه أحد.
قال الحسن البصري : بلغني أن رجالا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا يقولون ، أي يوم بدر : لئن لقينا مع النبي صلىاللهعليهوسلم لنفعلن ولنفعلن ، فابتلوا بذلك أي يوم أحد ، فلا والله ما كلهم صادق ، فأنزل الله : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
وفي غزوة أحد أشيع خبر مقتل النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال بعض المنافقين : لو كان نبيا ما قتل ، من لنا برسول إلى عبد الله بن أبي (زعيم المنافقين) ليأخذ لنا الأمان عند أبي سفيان؟ وتبرأ أنس بن النضر إلى الله من مثل هذا الكلام ، وجعل يقاتل حتى يقتل دفاعا عن الدين ، وكانت هذه الإشاعة سببا في انفضاض بعض الناس عن مناصرة النبي صلىاللهعليهوسلم ، فعاتبهم الله بقوله : وما محمد إلا رسول كغيره من الرسل السابقين ، إن مات كموسى وعيسى ، أو قتل كزكريا ويحيى ، فإن ديانتهم بقيت كما هي ، وتمسك أتباعهم بها ، فالمعقول والمطلوب أن تظلوا مؤمنين مجاهدين مخلصين كما كنتم ، ثابتين على المبدأ ولو مات أو قتل ، عاملين بمضمون رسالته على الدوام ، فإن الرسول بشر كسائر الأنبياء ، يموت كما مات الرسل قبله ، وله في الدنيا مهمة مؤقتة تنتهي بانتهاء أجله ، والله باق دائم ، فمن كان يعبد الله فإن الله حي باق ، ومن كان يعبد محمدا