المشركين ، حتى بلغ (حمراء الأسد) وأخبر معبد بن أبي معبد الخزاعي وهو على كفره أبا سفيان بما صمم عليه رسول الله ، وأنه خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرقون عليكم ، قد اجتمع إليه من كان تخلّف عنه ، وندموا على ما صنعوا ، فوقع الرعب في قلوب الكفار ، وأسرعوا بالعودة إلى مكة.
هذه الآيات تحذر المؤمنين من إطاعة الذين كفروا كأبي سفيان وعبد الله بن أبي وأتباعهما ، فإنهم إن أطاعوهم ردوهم خاسرين في الدنيا بالذلة بعد العزة ، وتحكّم العدو فيهم ، وحرمانهم من السعادة والملك الذي وعد الله به المؤمنين بالاستخلاف في الأرض والتمكين فيها ، وكذلك يخسرون الآخرة بالعذاب الشديد في نار جهنم ، إن الله مولاكم وناصركم أيها المومنون ، فإياكم أن تفكروا في ولاية أبي سفيان أو غيره ، واحذروا كلام المنافقين الجبناء ، فالله نعم المولى والناصر وهو خير الناصرين.
وسيلقي الله في قلوب الذين كفروا الرعب الشديد بسبب شركهم بالله أصناما وحجارة ، لا حجة ولا برهان على صواب عبادتها وتعظيمها ، وتوّرث عبادتهم الأصنام خبالا في عقولهم وضعفا في نفوسهم ، ويزداد رعبهم كلما وجدوا المسلمين متمسكين بدينهم ، ومأواهم النار في الآخرة ، وبئس القرار فإنهم الظالمون المشركون العابثون ، وهذا الترهيب يستدعي زيادة شجاعة المؤمن الموعود بالنصر. وضعف المشرك وخوار عزيمته ، لأنه مبشر بالعذاب والعقاب.
إن الأمة الواعية هي التي تعتمد على نفسها ، وعلى من يشاركها بحرارة وصدق في آلامها وآمالها ، وإن أخطأ البعض لا يصح أن يكون سببا للارتماء في أحضان العدو ، فما عند الأعداء إلا الخطط المدمرة ، والكيد لنا ، وإبقائنا أذلة أتباعا لهم ، وإن ما نشاهده أعقاب حرب الخليج ١٩٩٠ م من اعتماد على مساندة الأعداء وتضييع للمصالح الكبرى دليل واضح على صدق التحذير القرآني من إطاعة الآخرين الذين لا صدق ولا إخلاص في دعمنا ومساندتنا.