وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما خاب من استخار ، ولا ندم من استشار» (١). وقال عليهالسلام : «المستشار مؤتمن» (٢). والاستشارة مطلوبة في جميع شؤون الدنيا والدين ، أما أمور الدين فالقرآن هو الحكم فيها ، وأما أمور الدنيا فالعقل والتجربة والحنكة والود أساسها.
ومن مقومات العقيدة الإسلامية : التوكل على الله ، وتفويض الأمر والشأن له ، ولكن بشرط اتخاذ الأسباب ، واقتران التوكل بالجد في الطاعة ، والعمل والحزم وبذل الجهد بحسب مقتضى الحكمة وواقع الأمور.
ثم نبّه الله المؤمنين إلى عقيدة النصر بقوله : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) أي الزموا الأمور التي أمركم بها ووعدكم النصر معها ، فما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ، لأن جميع ما في الكون بتدبيره ومشيئته ، وإذا خذل الله قوما بأن تركهم وتخلى عنهم في مواطن الحاجة والشدة ، فلن يجدوا ناصرا لهم من بعده ، لذا وجب عليهم أن يتوكلوا على الله وحده بعد اتخاذ الأسباب ، لأنه لا ناصر لهم سواه ، ولا معين لهم غيره ، ونصر الله مرهون بشرط نصرة دين الله ، لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧)) [محمد : ٤٧ / ٧].
إن هذه القيم الخلقية القرآنية ـ النبوية تعد اللبنة الأولى لبناء الأمجاد والحفاظ على حرمة الديار والبلاد ، وإن تخلق النبي صلىاللهعليهوسلم بأخلاق القرآن يعد دليلا حسيا وترجمة عملية للالتزام بالأخلاق القائمة على حماية الكرامة الإنسانية والحرية والعدالة والمساواة.
__________________
(١) أخرجه الطبراني في الأوسط عن أنس بن مالك.
(٢) أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة ، والترمذي عن أم سلمة ، وابن ماجه عن ابن مسعود.