يسمحون للمستضعفين أن تكون لهم عزة وكرامة ، وقوة ومنعة. لذا تنشأ الحروب بين الفريقين ، ويصبح الجهاد وردّ العدوان أمرا واجبا وفريضة لازمة ، ويكون تقديم الشهداء وبذل التضحيات في الأمة عملا مفروضا. وقد جعل الإسلام للشهداء منزلة عالية في الدنيا بتخليد ذكرهم والثناء الحسن عليهم ، وفضلوا في قبورهم بالرزق من الجنة من وقت القتل ، حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم ، إذ لا يرزق إلا حي.
قال الله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)) (١) [آل عمران : ٣ / ١٦٩ ـ ١٧٥].
تضمنت هذه الآيات الشريفة الكلام عن منزلة الشهداء ، وعن بطولات المجاهدين في سبيل الله المخلصين أعمالهم ابتغاء مرضاة الله.
روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما أصيب إخوانكم بأحد ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلّقة في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم وشربهم وحسن مقيلهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا ، فقال الله تعالى : أنا أبلغهم عنكم» ، فنزلت هذه الآية.
__________________
(١) أي الألم الشديد والجراح يوم أحد.