وما كان الله ليترك المؤمنين على حالهم ، حتى يميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب ، لأن بهذا التمييز والغربلة يعرف المخلصون ، وينقّى المجتمع من بذور الشر والفتنة والفساد ، ويكون هذا التمييز لاختبار المؤمنين بالشدائد والمصائب ، قال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١)) [محمد : ٤٧ / ٣١].
وما كان الله ليعلمكم حقيقة أنفسكم بطريق الغيب ، وإنما يعلمكم بالحقائق في ميدان التجربة والممارسة والتكاليف ، فذلك الميدان هو الدليل القاطع على إخلاص المؤمن ، وتردد المنافق وجبنه.
لا بد من أن يمر الناس في عالم الدنيا بمرحلة الابتلاء والاختبار ليظهر الصادقون من الكاذبين ، أما مرتبة الاطلاع على الغيب فهي مختصة بمن يختارهم الله من خلقه للرسالة والنبوة ، وإذا أطلع الله رسوله على بعض الغيب ، وأخبر به الناس ، فيكون منهم الذين يؤمنون بالغيب ومنهم الكافرون ، والإيمان بالله ورسله وغيبياته وتقوى الله محقق للثواب العظيم والرضوان الإلهي. والغيب : كل ما غاب عن البشر ، مما هو في علم الله من الحوادث التي تحدث ، والأسرار التي يبطنها المنافقون ، والأقوال التي يقولونها إذا غابوا عن الناس.
تبين لدينا : أن تآمر الأعداء على المؤمنين لن يحقق فائدة تذكر ، وأن الخوف منهم يتصادم مع شرف الإيمان ، والإيمان والتقوى أمران أساسيان في تحقيق الظفر والنصر في الدنيا ، والأجر العظيم في الآخرة.
البخل بالمال والإنفاق في سبيل الله
إن بناء المجد والحضارة للأمة ، والدفاع عن شرفها وعزتها وكيانها يتطلب جانبا مهما في الحياة العملية ألا وهو الإنفاق في سبيل الله ، والبعد عن البخل والشح ، والتضحية بشيء من المال كالتضحية بالنفس والنفيس.