الكتاب الذين آمنوا بالله إيمانا حقيقيا خالصا لا شبهة فيه ، لهم كالمسلمين الأجر الكامل عند ربهم ، والله سريع الحساب يحاسب الناس في مدة قصيرة ، تعادل نصف يوم ، وذلك الأجر الممنوح إذا تحققت فيهم الأوصاف التالية : وهي الإيمان بالله إيمانا صادقا ، والإيمان بالقرآن المنزل على نبي الإسلام والمسلمين ، والإيمان بما أنزل إليهم من التوراة والإنجيل ، والخشوع لله والخضوع له بالعبادة والإخلاص ، فإن القلب متى كان خاشعا ممتلئا بخوف الله ، خضعت جميع الأعضاء لله وأوامره ، ومتى جمعوا هذه الصفات استحال عليهم تبديل كتابهم ، وإيثارهم كسب الدنيا الذي هو ثمن قليل على آخرتهم وعلى آيات الله تعالى.
نزلت هذه الآية الدالة على إيمان بعض الكتابيين بسبب أصحمة الحبشي النجاشي سلطان الحبشة ، فإنه كان مؤمنا بالله وبمحمد صلىاللهعليهوسلم ، فلما مات عرف خبر موته رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك اليوم ، فقال لأصحابه كما ثبت في الصحيحين : «إن أخا لكم بالحبشة قد مات فصلوا عليه» أي صلاة الغائب ، فصلى عليه رسول الله بالناس الموجودين.
ثم ختمت سورة آل عمران بوصية جامعة يوصي الله فيها المؤمنين أن يصبروا على تكاليف الدين ، وعلى ما يتعرضون له من مصائب وشدائد ، وعليهم أن يصابروا الكفار ويغلبوهم في الصبر ، فيكونوا أكثر تحملا لشدائد الحرب وويلاتها ، وواجبهم أن يرابطوا في الثغور أي الاستعداد للقاء الأعداء في المواضع الاستراتيجية المهمة المجاورة لبلاد الأعداء ، وأن يخافوا الله ويحذروه ويراقبوه في السر والعلن ليفلحوا ويفوزوا. هذا هو جزاء الكافرين وجزاء المؤمنين وبيان سبب الجزاء لكلا الفريقين.