في الجنة هكذا ، وأشار بالسبابة والوسطى ، وفرّج بينهما». وروى النسائي بإسناد جيد أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اللهم إني أحرّج حق الضعيفين : اليتيم والمرأة» وروى البخاري أيضا حديثا آخر : «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم».
هذه وصايا نبوية كريمة في الإشراف على نفس اليتيم والعناية بشخصيته وتربيته ، وجاء النص القرآني لبيان ضرورة الإشراف على شؤون اليتيم فيما هو أخطر وأهم وهو الأمور المالية ، فيجب على ولي اليتيم حفظ مال اليتيم وتنميته واستثماره ورعايته والبعد عن أكل مال الأيتام أو إهمال المحافظة عليها ، فقال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (١) (١٠) [النساء : ٤ / ١٠].
وأوجب القرآن الكريم ـ كما تقدم بيانه ـ وإيتاء اليتامى أموالهم عند بلوغهم الرشد ، من غير تلكؤ ولا إهمال ، فقال الله سبحانه : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢)) (٢) [النساء : ٤ / ٢].
نزلت هذه الآية في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم طلب المال ، فمنعه عمه ، فترافعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية ، فلما سمعها العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول ، نعوذ بالله من الحوب الكبير ، أي الإثم العظيم ، فدفع إليه ماله ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : من يوق شح نفسه ، ورجع به هكذا ، فإنه يحلّ داره ، يعني جنته. فالآية إذن خطاب لأوصياء الأيتام.
وقال ابن زيد : هذه الآية والمخاطبة هي لمن كانت عادته من العرب ألا يورّث الصغير من الأولاد مع الكبير ، فقيل لهم : ورّثوهم أموالهم ، ولا تتركوا أيها الكبار حظوظكم حلالا طيبا ، وتأخذوا الكل ظلما حراما خبيثا ، فيجيء فعلكم ذلك تبديلا.
__________________
(١) أي جهنم.
(٢) أي إثما وذنبا عظيما.