فريضة من الله ، إنه كان عليما بأحوال الناس ، حكيما فيما يشرع لهم ، يضع الأمور في موضعها الصحيح المناسب ، قال الله تعالى : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً). [النساء : ٤ / ١١].
والقيد الثاني والضابط الآخر لقواعد الإرث : هو ترك الإضرار في الوصية ، فلا يجوز للموصي الإيصاء بأكثر من الثلث : «الثلث والثلث كثير» كما صح في الحديث. ولا الوصية لوارث لقوله صلىاللهعليهوسلم في الحديث المتواتر : «إن الله أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث».
ولا يجوز الإيصاء بمعصية ، ولا يحل للإنسان إضرار الورثة بأن يقر بدين غير ثابت لم يقبضه من الدائن أو يكون الدين المقرّ به مستغرقا المال كله ، ولا تجوز الوصية بالثلث فرارا من وارث محتاج ، ولا يصح حرمان الوارث من حقه في الميراث ، وهكذا فوجوه الإضرار كثيرة ، قال النبي فيما رواه أبو داود عن أبي هريرة : «من ضارّ في وصية ألقاه الله تعالى في واد في جهنم».
وقال أيضا فيما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم في التفسير عن ابن عباس : «الضرار في الوصية من الكبائر». ويجمع كل أوجه الضرر في الوصية والدين قول الله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) [النساء : ٤ / ١٢].
الضابط العام الثالث لنظام الإرث الشرعي : التزام أحكام الله كما شرع ، لأن التزامها مانع من الوقوع في المعصية ، وطاعة الله ورسوله موجبة لدخول الجنة ، ومعصية الله ورسوله وتعدي حدوده ومحارمه مقتض لدخول نار جهنم والتعرض للعذاب المهين المذل. قال الله تعالى : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ (١)
__________________
(١) شرائعه وأحكامه.