كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (١٩) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) [النساء : ٤ / ١٩ ـ ٢١].
يخاطب الله المؤمنين بصفة الإيمان الباعثة على الالتزام والطاعة ، فيذكر أنه لا يليق بكم أن تعاملوا المرأة كالمتاع ، فتستولون عليها وترثونها وهي كارهة ، ولا يحل لكم أن تضيقوا عليهن وتضاروهن ، حتى يضطررن إلى الافتداء بالمال أو التنازل عن الصداق (المهر). قال النبي صلىاللهعليهوسلم في حجة الوداع فيما رواه الترمذي وغيره : «استوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عوان عندكم (٦) ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله» أي بعقد الزواج المشروع. لكن ارتكاب الفاحشة أي الزنى مسقط لحق المرأة في المهر. وعليكم أيها المؤمنون وبخاصة الشباب أن تعاشروا نساءكم وتخالطوهن بالمعروف بما تألفه الطباع السليمة ، ولا ينكره الشرع والعقل والعرف ، من غير تضييق في النفقة ولا إسراف ، وكلمة (المعاشرة) تقتضي المشاركة والمساواة ، أي كل واحد يعاشر صديقه من جانبه بالمعروف ، معرضا عن الهفوات ، جالبا السرور ، حافظا الود ، معينا على الشدائد ، قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)) [الروم : ٣٠ / ٢١].
فإن كرهتم النساء لعيب خلقي أو قبح أو تقصير في أمر أو مرض أو لأسباب
__________________
(١) بإكراه منكم ، أي مكرهين لهن.
(٢) أي لا تمنعوهن من الزواج ، ولا تضيقوا عليهن.
(٣) باطلا وظلما.
(٤) أي تكاشفتم واختلطتم وباشر بعضكم بعضا واطلع على أسراره ، وهو كناية عن الوقاع.
(٥) الميثاق الغليظ : عقدة الزواج ، أي عهدا وثيقا.
(٦) أي كالأسرى.