ثم أورد الله تعالى آية أخرى عقب ذلك فقال : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١)) (١) [النساء : ٤ / ٣١].
والمعنى : إن تتركوا أيها الناس المعاصي الكبائر ، يغفر الله لكم الذنوب الصغائر ، ويدخلكم مكانا طيبا مكرما وهو الجنة. والكبائر : هي كل معصية اقترنت بالوعيد الشديد ، أو أوجب الشرع عليها حدا من الحدود المقدرة في الكتاب والسنة ، وفي حديث الصحيحين عن أبي هريرة تعداد الكبائر ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله ، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ، والسحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات». ولا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار ، والذنوب الصغائر : هي التي لم تقترن بوعيد شديد أو بحدّ مقدر ، كالنظر إلى امرأة أجنبية غير محرم ، والقبلة.
واجتناب الكبائر يكفّر الصغائر إذا تم ذلك بالقدرة والاختيار لا بالإكراه ، وكان الممتنع عن الكبيرة يؤدي الفرائض من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها.
الحث على العمل وإعطاء الحقوق لمستحقيها
اعتنى الإسلام الحنيف بتطهير الظاهر والباطن لكل إنسان ، فكما أن الله حرم أكل أموال الناس بالباطل وقتل النفس ، وذلك من الأفعال الظاهرة لتطهير الظاهر والمحسوسات ، كذلك حرم ما تنطوي عليه النفوس من أمراض فتاكة ضارة كالحسد والحقد والبغضاء ، وتمني أخذ ما لدى الآخرين من نعم وثروات ، وما فضل الله به بعض الناس على بعض من الجاه والمال.
__________________
(١) مكانا حسنا ، وهو الجنة.