وأخطر الأمور ، في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا ضرر في الصحة والسمعة والاعتبار الأدبي ، وفي الآخرة ضرر دائم محقّق بالعذاب في نيران جهنم.
ومن أجل خير الإنسان ونفعه والحفاظ على مصلحته وكرامته حرّم الشرع المعاصي والمنكرات ، وأوعد مرتكبيها بالجزاء الشديد والعقاب الأليم ، غير أن الله الرحيم بعباده فتح لهم باب الأمل وأزال من النفوس رواسب اليأس والإحباط ، ورغب في العودة إلى الجادة المستقيمة ، والالتزام بمرضاة الله تعالى ، فوعد سبحانه التائبين المحسنين أعمالهم بالمغفرة ، أي ستر الذنب وإسقاطه وجعل للمغفور له أن يدخله الجنة بلا عذاب ولا عقاب ، لكن من شاء عذّبه من المؤمنين بذنوبه ، ثم يدخله الجنة.
قال الله تعالى مبينا دستوره في الوعد والوعيد : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (٤٨)) [النساء : ٤ / ٤٨].
هذه الآية مسوقة للرد على أولئك الذي يحلمون بمغفرة الله من دون الإيمان ، قائلين : (سيغفر لنا) بالرغم مما يفعلون ويرتكبون.
وسبب نزولها كما جاء عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام ، قال : وما دينه؟ قال : يصلي ويوحد الله ، قال : استوهب منه دينه ، فإن أبى فابتعه منه ، فطلب الرجل ذلك منه ، فأبى عليه ، فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فقال : وجدته شحيحا على دينه ، فنزلت : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
وهذه الآية مخصصة لقوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)) [الزمر : ٣٩ / ٥٣].
أي إن كل الذنوب والمعاصي قابلة للغفران ما عدا جريمة الشرك ، أي نسبة الولد والشريك والصاحبة لله عزوجل ، فالشرك أعظم الجرائم عند الله تعالى ؛ لأنه يمنع