العيوب ، لا يخالطها لون آخر غير الصفرة ، قالوا : إنك الآن جئت بإظهار الحقيقة الواضحة ، فطلبوها ، فلم يجدوها إلا عند يتيم صغير بارّ بأمه ، فساوموه ، فتغالى ، حتى اشتروها بملء جلدها ذهبا ، وما كان امتثالهم قريب الحصول.
واذكروا أيها اليهود المعاصرون حين قتل أسلافكم نفسا ، وأنتم تنتسبون إليهم ، راضون بفعلهم ، وأسند القتل للأمة والقاتل واحد ، لتضامن الأمة ، وهي في مجموعها كالشخص الواحد ، فيؤخذ المجموع بجريرة الواحد. وفيه توبيخ ولوم. وكنتم تتخاصمون وتتدافعون في شأن القتل ، فكل واحد يدرأ القتل عن نفسه ، ويدّعي البراءة ، ويتّهم سواه ، والله مظهر حتما ما كنتم تكتمونه وتسترونه من أمر القتل.
فقلنا لكم : اضربوا القتيل ببعض أجزاء البقرة المذبوحة ، فضربوه ، فأحياه الله ، وأخبر عن القتلة ، ومثل ذلك الإحياء العجيب ، يحيي الموتى يوم القيامة ، فيجازي كل إنسان بعمله ، وكذلك يريكم الله آياته الواضحة الدّالة على صدق القرآن والنّبي ، الذي يخبر بالغيبيات ، لكي تعقلوا وتؤمنوا بالله ورسوله.
ثم قست قلوبكم وامتنعت عن قبول الحق ، فهي تشبه الحجارة في الصلابة ، بل هي أشد قسوة منها ، لأن بعض الحجارة قد يتفجر الماء منه ، ويسيل أنهارا تحيي الأرض وتنفع النبات ، وقد يتشقق بعضها ، فيسيل منها ماء ، يكون عينا لا نهرا ، وفي هذه منفعة للناس ، وقد يتساقط بعضها من أعالي الجبال ، بالرياح الشديدة ونحوها من الزلازل ، فتكسر الصخور ، وتدمّر الحصون ، وليس في هذا منفعة للناس.
ولكن لم يزدد اليهود إلا عنادا وفسادا ، والله تعالى حافظ لأعمالهم ومحصيها لهم ، ثم يجازيهم بها ، ولا يغفل عن شيء منها ، صغيرا كان أو كبيرا.