دولة ، فمعنى ذلك أنه رضي بهذه الحالة ، وأصبح الحياد حالة داخلة في المواثيق والعهود الدولية.
ولقد حذر القرآن الكريم من نقض المعاهدات ، وجعل الله ورسوله خلف الوعد ونقض العهد من مظاهر النفاق ، وهذا يستدعي احترام أوضاع المعاهدين والمحايدين كما جاء في قوله تعالى حين يستثني من موالاة ومناصرة المنافقين طائفتين أو صنفين ، وهو قوله سبحانه : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (٩٠)) (١) (٢) [النساء : ٤ / ٨٩ ـ ٩٠].
تضمنت هذه الآية استثناء فئتين من الناس ، تحترم عهودهم وأحوالهم وهما :
أولا : الذين يتصلون ـ أي لهم صلة ـ بقوم معاهدين للمسلمين بينهم وبينهم ميثاق وعهد بعدم الاعتداء ، من مهادنة أو صلح وغيره ، فينضم هؤلاء إلى أولئك الأقوام المعاهدين ، فيأخذون حكم المعاهدين ، وإن لم يكونوا قد تعاهدوا صراحة مع المسلمين ، قال أبو بكر الرازي : إذا عقد الإمام عهدا بينه وبين قوم من الكفار ، فلا محالة يدخل فيه من كان في حيّزهم ممن ينسب إليهم بالرحم أو الحلف أو الولاء ، بعد أن يكونوا في حيّزهم ومن أهل نصرتهم ، وأما من كان من قوم آخرين ، فإنه لا يدخل في العهد ما لم يشرط ، ومن شرط من أهل قبيلة أخرى دخوله في عهد المعاهدين ، فهو داخل فيهم إذا عقد العهد على ذلك ، كما دخلت بنو كنانة في عهد قريش.
__________________
(١) ضاقت.
(٢) الاستسلام والرضا بالصلح.