المطلق ، لأن العدل لا يتجزأ ، ولا ينحاز القاضي المؤمن الحر النزيه إلى أحد الخصمين ، حتى ولو كان متفقا معه في الدين ، أو قريبا أو أبا أو ابنا أو زوجا ، وفي ثنايا تقرير مبدأ العدل هذا عتاب للنبي صلىاللهعليهوسلم على ما همّ عليه وتصحيح لموقفه ، وتأنيب ما على قبول ما رفع إليه في أمر بني أبيرق بسرعة دون تثبت. وهذا يقتضي طلب الاستغفار منه على ما همّ عليه ، وتحذيره من الجدال أو الدفاع عن القوم من بني أبيرق الذين يخونون أنفسهم بالمعاصي. والله لا يخفى عليه شيء من نواياهم وتآمرهم وتبييتهم ما لا يرضى الله من القول الباطل ، واتهام الأبرياء لرفع التهمة عنهم.
والموضوع الثاني : تنديد وتوبيخ للذين يدافعون عن غيرهم بالباطل وهم أقارب طعمة ، فإذا جادلوا عن المتهم بغير حق في الدنيا ، فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ، ومن يجرأ أن يكون يوم القيامة محاميا وكيلا أمام الله الذي يعلم الحقائق ولا تنطلي عليه الحيل والأكاذيب.
والموضوع الثالث : ترغيب وترهيب : ترغيب المسيء أو الظالم بالعدول عن إساءته وطلب المغفرة من الله على تورطه بالخطايا والذنوب ، فإن وبال الذم أو الإثم على نفسه ، وترهيب من محاولة إلصاق التهمة بالأبرياء ، فذلك أعظم البهتان (أي الكذب) وأوضح الإثم والمعصية.
والموضوع الرابع : بيان واضح لعصمة النبي صلىاللهعليهوسلم من الوقوع في الخطأ القولي والعملي فضلا من الله ورحمة ، ومنع أذى الأشرار الذين يحاولون إضلاله وتلبيس الحق بالباطل وإخفاءه عليه ، فالله محبط تآمرهم وراد كيدهم وكاشف حيلهم ، والواقع أنهم لا يضرون إلا أنفسهم ، فإن نبي الله معصوم من كل مكروه ، أنزل الله عليه القرآن والحكمة : وهي فقه مقاصد الدين وأسراره ، وعلّمه ما لم يكن يعلم ، وفضل الله عليه عظيم جدا ، لأنه رسول للناس كافة وخاتم الأنبياء والمرسلين ،