وقال مسروق وغيره : سبب الآية أن المؤمنين اختلفوا مع قوم من أهل الكتاب ، فقال أهل الكتاب : ديننا أقدم من دينكم وأفضل ، ونبينا قبل نبيكم ، فنحن أفضل منكم ، وقال المؤمنون : كتابنا يقضي على الكتب ، ونبينا خاتم النبيين ، فنزلت الآية ، أي فالخطاب لأمة محمد صلىاللهعليهوسلم.
والمعنى : ليس تحقيق المطالب ومنها الثواب يوم القيامة يحصل بالأماني منكم أيها المسلمون ، ولا أنتم أهل الكتاب وكفار قريش ، ولكن الجزاء منوط بالعمل ، والثواب المعد في الآخرة مرتبط بالاعتقاد الصحيح ، والعمل الصالح ، والعبرة بطاعة الله عزوجل واتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام.
فمن يعمل سوءا يجز به ؛ لأن الجزاء أثر للعمل ، كما قال الله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)) [الزلزلة : ٩٩ / ٧ ـ ٨]
وفاعل السوء لا نجاة له يوم القيامة ، ولا يجد له شفيعا ينقذه ، ولا وليا يتولى أمره ، ولا ناصرا ينصره ويدفع عنه شيئا من عذاب الله.
وهذا كله لمن كفر بالله وجحد بنعمه ، فجزاء السوء أمر حتمي لكل كافر ، كما قال الله تعالى : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧)) [سبأ : ٣٤ / ١٧]. أما المؤمنون الصالحون فإن الله وعد المؤمنين أن يكفر عنهم سيئاتهم إذا تابوا وأنابوا ، وقد تكون بعض الحوادث مكفرة الخطايا لأهل الإيمان ، مثل الأمراض والبلايا والمصائب في الدنيا ، وهموم الحياة ومخاوفها.
وتكون العقيدة : أن الكافر مجازي على سيئات أعماله ، والمؤمن يجازى في الدنيا غالبا على سوء عمله ، فمن بقي له سوء إلى الآخرة فهو متروك إلى مشيئة الله تعالى ، يغفر الله لمن يشاء ، ويجازي من يشاء. وقانون القرآن في قبول الله تعالى الأعمال