بالمعجزات الباهرات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله ، كما أيّده بروح القدس جبريل عليهالسلام. أفكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم ، ولا تميل إلى الخير دائما ، كفروا به واستكبروا عليه تجبّرا وبغيا ، فمنهم من كذبوه كعيسى ومحمد عليهماالسلام ، ومنهم من قتلوه كزكريا ويحيى عليهماالسلام ، فلا يستغرب ترك إيمانهم بدعوة محمد صلىاللهعليهوسلم.
ومن قبائحهم أو مثالبهم : قولهم للنّبي صلىاللهعليهوسلم : قلوبنا مغطاة بأغشية ، فلا تعي ما تقول ، ولا تفقه ما تتكلم به ، فيردّ الله عليهم : لستم كذلك ، فقلوبكم خلقت مستعدة بالفطرة للإقرار بالحق ، لكن الله أبعدهم عن رحمته ، بسبب كفرهم بالأنبياء وعصيانهم التوراة ، وقليلا جدّا اتجاههم للإيمان ، أو أنهم لم يؤمنوا أصلا.
ولما جاءهم كتاب من عند الله وهو القرآن الذي أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم ، مصدق لما معهم من التوراة ، وكانوا من قبل ذلك يستنصرون ببعثة نبي آخر الزمان ، لما جاءهم كفروا برسالته حسدا للعرب ، وجحدوا ما كانوا يقولون به ، وتبشّر به توراتهم ، فالطرد والإبعاد أو اللعنة من الله على كل كافر من اليهود وأمثالهم ، لكفرهم بدعوة الإسلام. قال ابن عباس : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان ، فكلما التقوا ، هزمت يهود خيبر ، فعاذت اليهود بهذا الدعاء : (اللهم إنا نسألك بحق محمد النّبي الأمّي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان ، إلا نصرتنا عليهم) فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء ، فهزموا غطفان ، فلما بعث النّبي صلىاللهعليهوسلم ، كفروا به ، فأنزل الله تعالى : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) أي بك يا محمد ، إلى قوله : (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).
بئسما باعوا به أنفسهم باختيارهم الكفر على الإيمان ، وبذل أنفسهم فيه ، وجحودهم برسالة النّبي محمد صلىاللهعليهوسلم حسدا للعرب ، وكراهة أن ينزل الله الوحي من