ثم أبان الله تعالى أن الإنسان عاجز عن تحقيق العدل التام على الإطلاق ، المستوي في الأفعال والأقوال والمحبة وغير ذلك ، فخفف الله التكليف بالعدل التام ، وطالب الرجال بقدر الاستطاعة ، ففي الأمور المادية كالمبيت والنفقة والكسوة والكلمة الطيبة يتمكن الرجل من تحقيق العدل فيها ، أما الأمور غير المادية كالحب والميل لامرأة دون أخرى وغير ذلك مما يرجع إلى الشعور النفسي وميل القلب ، فلا يستطيع الرجل تحقيق العدل فيها ، فكلف الله الرجال بما يستطيعونه وهو العدل المادي ، ورفع عنهم الحرج والمشقة فيما لا يستطيعونه من الحب والاشتهاء والأمور النفسية ، فإن الحب والبغض غير مقدور للإنسان ، فلا يكون مكلفا به ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أصحاب السنن الأربعة : «اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك».
ولكن لا تميلوا كل الميل أيها الرجال ، بحيث تترك المرأة الثانية كالمعلّقة لا هي مطلقة ، ولا هي متزوجة ، بل عليكم إرضاؤها وحسن عشرتها ومحاربة الميول الجارفة لضرّتها ، حتى لا تتألم.
وإن لم ينفع الصلح وعلاج سوء التفاهم واستعصت الحلول ، فلا مانع من الفراق ، والله يتكفل كلا من الزوجين بالتعويض عما لحق به من أذى ، فيغني الرجل عن المرأة ، ويغنيها عنه ، بأن يعوضه الله من هو خير له منها ، ويعوضها عنه بمن هو خير لها منه ، وكان الله واسع الفضل ، عظيم المن والإكرام والإحسان ، حكيما في جميع أفعاله وأقداره وشرعه.
كمال القدرة الإلهية
لا يمكن للعقل الإنساني أن يحيط بتمام وكمال القدرة الإلهية ؛ لأن عقل الإنسان محدود ، والقدرة الإلهية غير محدودة ، والعقل قاصر ، وقدرة الله تامة شاملة ، وإنما