إن هؤلاء المنافقين لجهلهم وقلّة علمهم وسوء تقديرهم يفعلون ما يفعل المخادع ، حيث يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، كما قال تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) [البقرة : ٢ / ٩] ولم يدروا أن الله تعالى مطّلع على أعمالهم وسرائرهم ونيّاتهم الخبيثة ، فيعاقبهم عقابا أليما شديدا لأن الله لا يخادع ؛ لأنه سبحانه العالم بالسّر وأخفى ، والمراد بقوله تعالى : (وَهُوَ خادِعُهُمْ) أي مجازيهم على خداعهم ؛ لأن الجزاء من جنس العمل ، والله يستدرجهم في ضلالهم وطغيانهم ، ويخذلهم ويبعدهم عن الحق والهداية والنور ؛ لأنهم آثروا الانحراف والابتعاد عن جادة الاستقامة ، فاستحقوا العقاب والتعذيب ، والطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى.
ومن عيوب المنافقين : سيطرة الكسل والخمول على نفوسهم ، فتراهم متباطئين متثاقلين في القيام بأشرف الأعمال وأفضلها : وهي الصلاة التي تقرّبهم إلى الله ، وتهذّب نفوسهم ، وتبعدهم عن الفواحش والمخازي والمنكرات.
وإذا كانت ظواهرهم فاسدة ، فكذلك بواطنهم وقلوبهم ونواياهم فاسدة أيضا ، فهم لا يخلصون في أعمالهم ، ويراءون الناس في أفعالهم ، ويستخفون من الناس ، والله معهم ، لذا فإنهم يتخلفون كثيرا عن الصلاة التي لا يرون فيها غالبا كصلاة العشاء وصلاة الصبح ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما يرويه أحمد : «أثقل الصلاة على المنافقين : صلاة العشاء ، وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا».
وإذا قاموا إلى الصلاة خشية من الناس ، لا يذكرون الله إلا قليلا ، فلا خشية في صلاتهم ، ولا يدرون ما يقولون ، بل هم في صلاتهم ساهون لاهون عابثون ، قلوبهم مقفرة من الإيمان ، وألسنتهم لا تتحرك بذكر الله إلا قليلا ، فإذا لم يرهم أحد لم يصلّوا. وهم ضعاف الشخصية ، مذبذبون ، مضطربون دائما ، مترددون بين الإيمان والكفر ، فليسوا مع المؤمنين حقيقة ، ولا مع الكافرين حقيقة ، بل ظواهرهم مع