وواجباته ، وآمن بالله ربّا واحدا لا شريك له ، شكر الله له صنعه وأثابه ثوابا عظيما ، والله شاكر ، يجازي من شكر ، عليم بخلقه ، لا يخفى عليه شيء ، قال الله سبحانه : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧)) [إبراهيم : ١٤ / ٧].
الجهر بالسوء
إن عفّة اللسان وطيب القول والكلام هو من شأن الإنسان القوي المؤمن ، فلا يكون المؤمن طعّانا ولا لعّانا سبّابا ، ولا يؤذي غيره بفحش القول ، وخبث الكلام ، وكلما ضبط الإنسان لسانه وأمسك عن النطق ، كما كان حكيما عاقلا ، فلا يندم يوما على فلتات لسانه ، ولا يحتاج إلى الاعتذار من غيره ، ويظل كريما على الناس ، مهيبا ذا وقار واحترام ، ومحبة وتقدير من الآخرين. وكم من عثرة لسان وتكلم بكلمة قبيحة فاحشة أعقبت ندما طويلا ، وولّدت أحقادا وبغضاء وخصومات ومنازعات.
وكان من أهم مقاصد الدين وشريعة الله حمل الناس على التكلم بالكلمة الطيبة ، وتجنّب التّفوه بالكلمة الخبيثة. قال الله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (١٤٩)) [النساء : ٤ / ١٤٨ ـ ١٤٩].
سبب نزول هاتين الآيتين : ما قاله مجاهد ـ فيما أخرجه هنّاد بن السّري ـ : أنزلت آية (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) في رجل أضاف رجلا بالمدينة ، فأساء قراه ، فتحوّل عنه ، فجعل يثني عليه بما أولاه ، فرخّص له أن يثني عليه بما أولاه ، أي نزلت هذه الآية رخصة في أن يشكو.