وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٥٢)) [النساء : ٤ / ١٥٠ ـ ١٥١].
نزلت هذه الآيات في شأن من آمن ببعض الرّسل ، وكفر بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، فمن كفر بخاتم الأنبياء ، فكأنه كفر بجميع الرّسل ، والكفر بالرّسل كفر بالله ، وتفريق بين الله ورسله في أنهم قالوا : نحن نؤمن بالله ، ولا نؤمن بفلان وفلان من الأنبياء.
يتوعّد الله تعالى في هذه الآيات الكافرين به وبرسله ، حيث فرّقوا في الإيمان بين الله ورسله ، فآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعض ، تعصّبا وتمسّكا بالموروث ، واعتصاما بالأهواء والشهوات ، وحفاظا على المراكز والمصالح.
ومن أنكر وجود الله ، أو أقرّ بوجوده ولكنه كفر بالرّسل وكتبهم ، ولم يعترف بوجود ظاهرة الوحي من الله لبعض عباده الذين اصطفاهم ، فهؤلاء أيضا من فئة الكفار.
وإن من آمنوا بنبي أو رسول ، وجحدوا نبوّة أو رسالة رسول آخر ، فهم كفار ، فرّقوا بين الله ورسله في الإيمان ، واتّخذوا سبيلا وسطا بين الإيمان والكفر ، واخترعوا دينا مبتدعا بين الأديان ، إنهم هم الكافرون الكاملون في الكفر ، الراسخون في الضلال ، فالدين دين الله ، وما يقرّه الله فهو الحق ، وما يبطله فهو الباطل ، ولو كان هؤلاء مؤمنين حقّا بما أمر الله به ، لما أوجدوا هذه التفرقة ولا تلك الضلالة ، وأعتد الله وهيّأ للكافرين جميعا من هؤلاء وأمثالهم عذابا فيه ذلّ وإهانة لهم في الدنيا والآخرة ، جزاء كفرهم.
يتبين من هذا أن الكفر بالرسل نوعان : كفر بجميع الرّسل ، وأصحابه لا يؤمنون بأحد من الأنبياء ، لإنكارهم النّبوات ، وكفر ببعض الرّسل دون بعض ، وكلا