حفالة كحفالة الشعير أو التمر ، لا يباليهم الله بالة» والحفالة : النفاية والرديء من كل شيء ، والبالة : المبالاة.
وبعد هذا الإنذار الشديد لأهل الضلالة وبيان جزائهم ، دعا القرآن إلى الإيمان الحق ، تذكيرا للناس ، وهذا من أسلوب القرآن الذي يقرن بين الأشياء المتعارضة ، وبضدّها تتميز الأشياء. والدعوة إلى الإيمان عامة شاملة للناس جميعا دون تمييز ولا تعصب ولا انغلاق ، وإنما بانفتاح ومحبة الخير للجميع. ومضمون هذه الدعوة :
يا أيها الناس جميعا ، قد جاءكم الرسول محمد بالقرآن والحق والخير والهدى والفلاح ، فآمنوا برسالته ، يكن الإيمان خيرا لكم ؛ لأنه يزكيكم ويطهركم من الأدناس والأرجاس ، ويرشدكم لما فيه السعادة في الدنيا والآخرة ، والحق الذي أتى به محمد من ربّه : هو القرآن المعجز ، والدعوة إلى عبادة الله وحده ، والإعراض عن غيره.
وإن تكفروا أيها الناس ، فإن الله غني عنكم وعن إيمانكم ، وقادر على عقابكم ، ولا يتضرر بكفرانكم ، فإن لله جميع ما في السماوات والأرض ملكا وخلقا وتصريفا وعبيدا ، وشأن العبيد الخضوع لحكم الله ، وأمره ، كما قال الله تعالى : (وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)) [إبراهيم : ١٤ / ٨].
والله تعالى معذبكم ومجازيكم على كفركم في الآخرة. فليس وراء الموت إلا الجنة أو النار ، والله سبحانه عليم بشؤون خلقه ، حكيم في صنعه ، لا يحكم إلا بالحق والعدل ، ولا يجازي إلا من ظلم وكفر ، وعصى وجحد.