أوصاف المسيح في القرآن
ينبغي أن تسود في الوسط العلمي الحقائق العلمية المجردة ، دون تميز ولا تعصب ولا تأثر بميراث معين ، ولقد أبرز القرآن المجيد الحقائق في كل شيء ، سواء ما يتعلق منها بأصول العقيدة ، وإنزال القرآن ، أم ما يتصل بالأحكام الشرعية ، والوقائع التاريخية ، إظهارا للحق ، وبيانا للصدق والواقع.
وهذا هو شأن القرآن العظيم في تبيان أوصاف المسيح عيسى ابن مريم عليهالسلام ، قال الله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧٣)) (١) (٢) [النساء : ٤ / ١٧١ ـ ١٧٣].
يطالب القرآن الكريم أهل الكتاب بترك المغالاة في الدين وتجاوز الحدود فيه ، وألا يقولوا على الله إلا القول الحق الثابت الموافق للواقع ، فما المسيح عيسى ابن مريم إلا رسول مرسل من عند الله إلى بني إسرائيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، ويأمرهم بعبادة الله وحده ، ووجود المسيح إنما كان بكلمة من الله التكوينية وهي (كن) لا بمادة أخرى كبقية الناس ، ألقاها الله سبحانه إلى مريم الطاهرة البتول القديسة ، وهو البشارة التي بعث الملك بها إليها ، ونفخ الله فيه الروح من عنده ، فهو
__________________
(١) لا تتجاوزوا الحدّ.
(٢) لن يترفّع.