قلوبهم ، فقل لهم أيها النّبي : بئس هذا الإيمان الذي يوجه إلى هذه الأعمال التي تفعلونها ، كعبادة العجل ، وقتل الأنبياء ، ونقض الميثاق ، إن كنتم تدعون الإيمان الصحيح برسالة موسى عليهالسلام وبالتوراة.
قل أيها النّبي لليهود : إذا صدقتم في ادّعائكم أن الآخرة والجنة لكم خالصة عند الله من دون الناس ، وأن النار لن تمسّكم إلا أياما معدودات ، وأنكم شعب الله المختار ، فاطلبوا الموت الذي يوصلكم إلى ذلك النعيم الخالص الدائم الذي لا ينازعكم فيه أحد ، إذ لا يرغب الإنسان عن السعادة ويختار الشقاء. قال ابن عباس : ولو تمنّوا الموت لشرق أحدهم بريقه. أخرج ابن جرير الطبري عن أبي العالية قال : قالت اليهود : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ، فأنزل الله : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً ..) [البقرة : ٢ / ٩٤].
ولن يتمنى الموت أحد منهم أبدا ، بسبب ما اقترفوا من الكفر والفسوق والعصيان ، كتحريف التوراة ، وقتل الأنبياء والأبرياء ، وإنكار رسالة النّبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، مع البشارة به في كتابهم ، والله يعلم أنهم ظالمون في حكمهم بأن الدار الآخرة خالصة لهم.
وتالله لتجدن اليهود أحرص الناس على حياة طويلة ، بل وأحرص من جميع الناس ، حتى المشركين بالله ، فإن أحدهم يتمنى أن يعيش ألف سنة أو أكثر ـ والعرب تضرب الألف مثلا للمبالغة في الكثرة ـ لأنه يتوقع عقاب الله في الآخرة ، فيرى أن الدنيا خير من الآخرة ، وما بقاؤه في الدنيا وإن طال بمبعده عن العذاب الأليم ، والله عليم بما يصدر عنهم من أعمال ، ومجازيهم عليه.
قل أيها النّبي : من كان عدوّا لجبريل ، فهو عدوّ لوحي الله الذي يشمل التوراة وغيرها ، فإن الله نزله بالوحي والقرآن على قلبك أيها النّبي بإذن الله وأمره ، مؤيدا