والطيور معلّمة ، ومرسلة من الصائد لا من نفسها ، حتى يكون قتل الجارح للصيد ذكاة شرعية ، بأن ترسل الكلب أو الطير فيرسل ، وتزجره فينزجر ، وأن يذكر الصياد اسم الله فيقول : (باسم الله ، الله أكبر) وذلك شرط عند الجمهور غير الشافعية ، وبشرط ألا يأكل الكلب المعلم شيئا من الصيد في رأي الجمهور غير المالكية.
ثم أمر الله تعالى بالتقوى في الجملة وهي التزام الأوامر ، وذكّر سبحانه بسرعة الحساب لأنه تعالى قد أحاط بكل شيء علما ، فلا يحتاج إلى محاولة عدّ ، ويحاسب جميع الخلائق دفعة واحدة.
أحلّ الله من لحظة نزول هذه الآية الطيبات المستطابات ، وأحلّ للمسلمين أكل ذبائح أهل الكتاب ، وللكتابيين ذبائح المسلمين ، ولا تحل ذبائح المشركين عبدة الأصنام والأوثان ، ولا ذبائح المجوس ونحوهم ممن لا يدين بدين سماوي ، ولا التزوج بنسائهم.
وأباح الله لكم أيها المؤمنون التزوج بالحرائر المؤمنات ، والكتابيات العفيفات من اليهود والنصارى ، إذا آتيتموهن أجورهن ، أي مهورهن ، ويطلق لفظ الأجر في اللغة والشرع على المهر ، فيشترط إيتاء مهورهن ، وأن يقصد الإحصان والإعفاف ، لا سفح الماء عن طريق الزنى العلني ، ولا عن طريق الزنى السّري وهو اتّخاذ الأخدان. وقوله : (مُحْصِنِينَ) أي متزوّجين على السّنة بعقد زواج صحيح.
ثم حذّر الله من المخالفات ، ورغّب فيما تقدم من أحكام الحلال ، فذكر أن من يكفر وينكر شرائع الإسلام وتكاليفه ، ويجحد أصول الإيمان وفروعه ، فقد أبطل ثواب عمله ، وخاب في الدنيا ، وخسر في الآخرة ، أما في الدنيا فتضيع أعماله ولا يستفيد منها ، وأما في الآخرة فخسارته بالهلاك في نار جهنم. وقوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) معناه من يكفر بالأمور التي حقّها أن يقع الإيمان بها.