ولا يقبل من بشر أن يدّعي أنه أقرب إلى الله إلا بعبادته وطاعته ، فالقرب من الله قربا معنويا لا ماديا محسوسا يكون بمقدار الطاعة والتزام شرائع الله المشرّع.
ومن هنا وجدنا في القرآن إنكارا شديدا للشّرك أو وصف أحد من المخلوقات بالألوهية ، قال الله تعالى :
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨) يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩)) (١) [المائدة : ٥ / ١٧ ـ ١٩].
روى ابن جرير الطبري وغيره عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم جماعة من اليهود ، فكلموه وكلمهم ، ودعاهم إلى الله ، وحذّرهم نقمته ، فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ، نحن والله أبناء الله وأحبّاؤه ، كقول النصارى ، فأنزل الله فيهم : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) الآية.
وروى ابن جرير أيضا وغيره عن ابن عباس قال : دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم اليهود إلى الإسلام ، فرغّبهم فيه وحذّرهم ، فأبوا عليه ، فقال لهم معاذ بن جبل وآخرون : يا معشر اليهود ، اتّقوا الله ، فو الله لتعلمن أنه رسول الله ، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل
__________________
(١) فتور وانقطاع.