قطع اليد والرجل من خلاف ، أو القتل والصّلب ، أو القتل فقط ؛ لأن جريمتهم تهدّد أمن المجتمع برمّته ، وتنشر الذعر والإرهاب في جميع الأماكن.
قال الله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)) (١) (٢) [المائدة : ٥ / ٣٣ ـ ٣٤].
سبب نزول آية المحاربة : ما روى البخاري ومسلم عن أنس : أن ناسا من عكل وعرينة (٣) قدموا على النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وتكلموا بالإسلام ، فاستوخموا المدينة (٤) ، فأمر لهم النّبي صلىاللهعليهوسلم بزود من الإبل (٥) وراع ، وأمرهم أن يخرجوا إلى الصحراء ، فيشربوا من أبوالها وألبانها ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرّة (٦) ، كفروا بعد إسلام ، وقتلوا الراعي ، ومثّلوا به ، واستاقوا الزّود من الإبل ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبعث في طلبهم ، فأتوا فأمر بهم ، فسملوا أعينهم (٧) ، وقطعوا أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وتركوا حتى ماتوا ، فنزلت الآية : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ..).
هذه الآية في المحاربين من أهل الإسلام : وهم الذين خرجوا على الناس بقصد أخذ أموالهم أو قتلهم أو لإرهابهم ، فيختلّ الأمن والسّلم ، وتنتشر الرهبة والذّعر في كل مكان ، أو يعتدون على الحقوق الشرعية كمنع الزكاة مثلا ، كما حدث في عهد أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه ، حيث حارب المرتدّين المانعين للزّكاة بقوة وبأس.
أ ـ فإن أخافوا الطريق فقط ، ولم يقتلوا نفسا ولم يأخذوا مالا ، كانت عقوبتهم
__________________
(١) يبعدوا أو يسجنوا.
(٢) ذلّ وعقوبة.
(٣) قبيلتان مشهورتان.
(٤) وجدوها رديئة المناخ.
(٥) الزّود : من ثلاثة إلى تسعة.
(٦) الحرّة : أرض ذات حجارة سوداء نخرة كأنها أحرقت بالنار.
(٧) كحّلوها بمسامير الحديد المحماة.