ويتعلم الناس منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه ، وليس للسحر ونحوه من الحسد والعين والمرض المعدي ضرر بذاته ، إلا بإذن الله ومراده ، وذلك على وفق قانون السببية ، أي إنه مجرد وسيلة أو سبب قد يرتبط المسبب أو النتيجة به ، ويتحقق الأذى ، إذا شاء الله ، فالله هو الذي يوجد المسببات ، حين حصول الأسباب ، وقد لا تتحقق النتائج بمراد الله تعالى. قال الحسن البصري : من شاء الله منعه ، فلا يضرّه السّحر ، ومن شاء خلّى بينه وبينه فضرّه.
ومن تعلم السّحر وعمل به ، فإنه يتعلم ما يضرّه ولا ينفعه ، لأنه سبب في إضرار الناس ، ولأنه قصد الشّر ، فيكرهه الناس لإيذائه ، ويعاقبه الله في الآخرة لإضرار غيره ، وإفساده المصالح.
وتالله لقد علم اليهود بأنّ من ترك كتاب الله ، وأهمل أصول الدين وأحكام الشريعة التي تسعد في الدارين ، واستبدل به كتب السّحر ، ليس له في الآخرة إلا العذاب ، وكأن هذه عملية بيع الآخرة بالدنيا ، وليس له في الآخرة من نصيب من الخير.
ولبئس ما باعوا به أنفسهم باتخاذ السّحر محل التوراة ، فهم جهلة لا يعلمون حرمة السّحر علما صحيحا.
ولو أن اليهود آمنوا الإيمان الحق بالتوراة ، وفيها البشارة بنبي آخر الزمان ، وآمنوا بالقرآن ، وتركوا كتب السّحر والشّعوذة ، واتّقوا الله بالمحافظة على أوامره واجتناب نواهيه ، لاستحقّوا الثواب العظيم من عند الله ، جزاء على أعمالهم الصالحة ، وهو خير لهم لو كانوا يعلمون العلم الصحيح النافع.