من الصيد البري ، فعليه جزاء من الأنعام ، يماثل ما قتله في الهيئة والصورة إن وجد ، وإن لم يوجد المثيل ، فتجب القيمة.
فمن قتل نعامة مثلا فعليه بدنة (جمل أو ناقة) ، ومن قتل حمارا وحشيّا فعليه بقرة ، ومن قتل ظبيا فعليه شاة ، ومن قتل طائرا ، فعليه قيمته إلا حمام مكة ففيه شاة.
ويتم تقدير الجزاء من قبل شخصين مؤمنين عدلين. ويذبح الشيء المماثل في حرم مكة دون سواه ، ويوزع لحمه على مساكين الحرم ، لقوله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ).
ويخير قاتل الأنعام (الإبل والبقر والغنم ونحوها) بين تقديم مماثل من النّعم ، وبين إخراج كفارة : هي طعام مساكين لكل مسكين مدّ (٦٧٥ غم) بقدر قيمة الصيد ، بأن يقوّم الصيد الذي أصابه ، وينظر كم ثمنه من الطعام (الحنطة) فيطعم لكل مسكين مدّا ، أو يصوم مكان كل مدّ يوما. والسبب في تشريع الجزاء على قتل الصيد : أن يذوق القاتل وبال أمره ، أي ثقل فعله ، وسوء عاقبة أمره ، وهتكه لحرمة الإحرام. وأما الماضي قبل هذا التحريم فهو معفو عنه ، لقوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) أي لا إثم فيما وقع منكم في زمن الجاهلية ، أو قبل هذا التحريم من قتل الصيد في حال الإحرام ، ولم يؤاخذكم عليه. ومن عاد إلى قتل الصيد البري وهو محرم بعد هذا النهي والتحريم ، فإن الله ينتقم منه في الآخرة لإصراره على المخالفة والذنب ، والله عزيز ، أي قوي غالب على أمره فلا يغلبه العاصي ، والله جبّار منتقم بحق وعدل ، يعاقب من اقترف الذنب بعد النهي عنه.
والآية دليل واضح على أن الجزاء الدنيوي يمنع عقاب الآخرة إذا لم يتكرر الذنب ، فإن تكرر استحق المذنب جزاء الدنيا (الكفارة) وجزاء الآخرة وهو نار جهنم.