بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦) فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧)) (١) [المائدة : ٥ / ١٠٦ ـ ١٠٧].
اتّفق المفسّرون على أن سبب نزول هذه الآية ـ فيما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس ـ هو تميم الداري وأخوه عدي النّصرانيان حين خرجا إلى الشام للتجارة ، ومعهما بديل بن أبي مريم مولى عمرو بن العاص ، الذي كان مسلما مهاجرا ، فمات في الطريق وقبل موته أوصى بوصية من غير إشهاد عليها ، فأخذ رفيقاه إناء فضيّا منقوشا بالذهب ، وأنكرا أخذه وردّه إلى أهل بديل المتوفى ، ثم أسلم تميم ، فكان يقول : صدق الله ورسوله ، أنا أخذت الإناء ، فنزلت الآية في طلب الشهادة على الوصية في السفر ، ولو كان الشاهدان غير مسلمين.
ومعنى الآية كما ذكر ابن عطية : أن الله تعالى أخبر المؤمنين أن حكمه في الشهادة على الموصي إذا حضر الموت أن تكون شهادة عدلين ، فإن كان في سفر ـ وهو الضّرب في الأرض ـ ولم يكن معه من المؤمنين أحد ، فليشهد شاهدين ممن حضره من غير المسلمين ، فإذا قدما إلى البلد وأدّيا الشهادة على وصيته ، حلفا بعد صلاة العصر أنهما ما كذبا ولا بدّلا ، وأن ما شهدا به حقّ ، ما كتما فيه شهادة الله ، ويحكم بشهادتهما.
فإن عثر أو تبيّن بعد أنهما كذبا أو خانا في الشهادة ونحو هذا مما هو إثم ومعصية ، حلف رجلان في السفر من أولياء (أقارب) الموصي الذين هم أحق بالإرث ، بأن شهادتنا أي يميننا أحقّ وأصدق من شهادة (يمين) غيرهما ، وما اعتدينا
__________________
(١) الأقربان إلى الميت.