تفسير سورة الأنعام
إثبات القدرة الإلهية بالمحسوسات
الله سبحانه وتعالى إله غيبي غير مشاهد لنا في الدنيا بالأبصار والمرئيات ، وإنما يمكن الاستدلال عليه بسهولة فيما نشاهده ونلمسه في هذا الكون من إبداع السماوات والأرض وإيجاد الليل والنهار ، وخلق الإنسان من بداية معينة وتقدير أجل محدد لوجوده في الحياة ، وإحاطة علمه سبحانه بدقائق الأشياء ، السّرية منها والجهرية. قال الله تعالى في مطلع سورة الأنعام المكّية :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) [الأنعام : ٦ / ١ ـ ٣].
هذه حملة إلهية قوية على أولئك المشكّكين في وجود الله وقدرته ووحدانيته ، وتمكّنه من بعث الأجساد مرة أخرى ، من غير مشقة ولا صعوبة ، وهذه الحملة تذكرنا بضرورة تخصيص كل أنواع الحمد والثناء والشكر لله تعالى ، فهو أهل للمحامد كلها على أنواعها ، وله الحمد الشامل للشكر المختص بأنه على النعم ، إنه سبحانه جدير
__________________
(١) أنشأ وأبدع.
(٢) يسوون به غيره في العبادة.
(٣) قدر زمانا للموت.
(٤) للبعث اختص بعلمه هو.
(٥) تشكون في البعث.