مقتضيات رحمته : حشر الخلائق جميعهم يوم القيامة ، بلا شك ، للثواب والعقاب ، والجزاء على الأعمال ، وإقامة العدل المطلق بين الناس ، كما قال سبحانه : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)) [النّجم : ٥٣ / ٣١].
وليعلم البشر أن الذين خسروا أنفسهم ممن يجمعون يوم القيامة ، هم الذين لا يؤمنون أبدا بالبعث والثواب والعقاب.
ثم يؤكد الله تعالى ملكيته المطلقة لجميع الكون ، فيذكر أنه تعالى مالك جميع المتحرّك والساكن في الليل والنهار ، وأنه المتصرّف تصرّفا كاملا في كل شيء ، وهو السميع لكل ما يحدث ، العليم بكل ما يقع ، المحيط علمه بكل ما دقّ وعظم ، وبكل فعل ونيّة ، والشامل سمعه كل مسموع من الأقوال والأصوات والحركات.
وهل يصح لذي عقل اتّخاذ ولي أو ناصر غير مبدع السماوات والأرض على غير مثال سبق : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤)) [الزّمر : ٣٩ / ٦٤].
وهل يتصور عاقل استمداد القوة والعون من غير الرازق المطعم لجميع خلقه ، ولا يطعمه أحد ولا يحتاج لأحد؟ يقول النبي بأمر ربه : إنني أنا نبي الله ورسوله أمرت أن أكون أول من خضع وانقاد لعظمة الله وجلاله ، وألا أكون من المشركين مع الله إلها آخر ، أيّا كان نوع الشّرك ، ومنه شرك الجاهلية القائم على اتّخاذ الأصنام واسطة ووسيلة تقرّب إلى الله زلفى. إنني أنا نبي الله أخشى إن عصيت الله ربّي أن يصيبني عذاب يوم عظيم الهول والخطر ، وهو يوم القيامة الذي يحاسب الله فيه الخلائق حسابا شديدا على أعمالهم ، ويجازيهم على ما يستحقّون. إن من يدفع عنه عذاب يوم القيامة وينجو من نار جهنم ، فقد رحمهالله وحماه ، وذلك هو الفوز السّاحق الذي لا فوز أعظم منه ، كما قال الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما