والرّسل عليهم الصّلاة والسّلام ، وقد صرّح القرآن الكريم بهذا في تعليم نبيّنا عليه الصّلاة والسّلام ، فقال الله تعالى :
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١)) [الأنعام : ٦ / ٥٠ ـ ٥١].
ثم أورد القرآن الكريم دليلا قطعيّا على كون القرآن من مصدر إلهي لا بشري ، حين أوصى بالضعفاء الملازمين للنّبي صلىاللهعليهوسلم ، وفضّلهم على الزعماء وكبار الأشراف ، فقال الله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣)) (١) (٢) [الأنعام : ٦ / ٥٢ ـ ٥٣].
تحصر الآيتان الأوليان مصدر معارف النّبي صلىاللهعليهوسلم بالوحي الإلهي ، ردّا على المشركين الذين كانوا يطلبون من النّبي صلىاللهعليهوسلم معجزات مادّية قاهرة ، فأجابهم بأني : لا أملك خزائن الله وأرزاقه ، ولا أقدر على التصرّف فيها وتوزيعها كما أشاء ، ولا أدّعي علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه ، فلم يطلع عليه أحدا ، كما قال سبحانه : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧)) [الجنّ : ٧٢ / ٢٦ ـ ٢٧].
ولا أقول لكم : إني أحد الملائكة ، إنما أنا بشر يوحى إلي من الله عزوجل ما يريد ويختار ، والمراد من هذا أني لا أدّعي الألوهية ، ولا علم الغيب ، ولا الملكية ، إنما
__________________
(١) أول النهار وآخره.
(٢) اختبرنا