أو عملتم أيها الناس من الأعمال بالنهار ، في حال السكون وحال الحركة ، ثم بعد التّوفّي بالنّوم والعلم بالأعمال في النهار ، يبعثكم في النهار ، أي يرسلكم ويوقظكم فيه ، وهذا التّقلّب في الليل والنّهار لأجل أن يقضى وينفذ الأجل المسمّى الذي علمه الله تعالى لكل واحد منكم ، فإن الآجال والأعمار محدودة ومقدرة ، مكتوبة سابقا.
ثم إلى الله مرجعكم يوم القيامة بعد تمام الآجال ، ثم يخبركم بأعمالكم التي قمتم بها في الدنيا ، ويجازيكم عليها ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ.
والله هو الذي يقهر كل شيء ، ويخضع لعظمته وجلاله وكبريائه كل شيء ، وهو القادر على بعث الأجساد والأرواح ؛ لأن من قدر على بعث من توفّي بالنوم قادر على بعث من توفّي بالموت ، وهو المتصرّف بعباده ، يفعل ما يشاء ، إيجادا وإعداما ، وإحياء وإماتة. ويرسل الله الملائكة الكرام الموكلين بكتب الأعمال ، في الليل والنهار ، يحفظون بدن الإنسان ، ويحصون أعماله ، ولا يفرطون بشيء منها. وكتابة الملائكة الحفظة أعمال الإنسان من أجل الإتيان بدليل مادّي محسوس ، لإقامة الحجة على الإنسان.
فإذا حان أجل الإنسان ، قبضت روحه الرّسل الموكلون بذلك من الملائكة ، حال كونهم غير مقصّرين في حفظ أرواح الموتى ، بل يحفظونها حيث شاء الله تعالى ، ثم يرد هؤلاء الذين تتوفاهم الرّسل إلى حكم الله وجزائه ، والله هو مولى الناس ومالكهم الذي يلي أمورهم ، له وحده سبحانه الحكم يوم القيامة ، لا حكم فيه لغيره ، ولا رادّ لقضائه ، ولا معقّب لحكمه ، وهو أسرع الحاسبين ، يحاسب الكل في أسرع وقت وأقصره ، ولا يشغله حساب عن حساب.