والأرض ، حنيفا أي مستقيما ، ولست أنا من المشركين مع الله إلها آخر ، كما قال تعالى : (إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ) [الممتحنة : ٦٠ / ٤].
لقد استطاع إبراهيم عليهالسلام هدم أساس الشّرك أولا ، ثم إعلان عقيدته بتوحيد الله ثانيا ، ليكون قومه على بيّنة من الأمر ، قال تعالى : (قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦)) [الأنبياء : ٢١ / ٥٦].
الجدال بين إبراهيم وقومه
اشتدّ الصراع والنزاع بين إبراهيم الخليل عليهالسلام وبين قومه المشركين عبدة الأصنام ، وانصبّ الجدل على ترك الشّرك والوثنية ، والإقرار بوحدانية الله خالق الأشياء ، وراجعوه في الحجة في توحيد الله ، ولما أفحمهم في المناظرة وإيراد الأدلة العقلية القطعية ، لم يجدوا أمامهم سوى التّمسك بتقليد الآباء ، وخوّفوه بالبلايا لما طعن في ألوهية الأصنام ، واستهجنوا جعل الآلهة إلها واحدا.
قال الله تعالى مبيّنا هذه المناظرة : (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢) وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)) (١) (٢) (٣) (٤) الأنعام : ٦ / ٨٠ ـ ٨٣].
هذا لون من الجدل الحادّ في مبدأ التوحيد بين إبراهيم عليهالسلام وبين قومه ،
__________________
(١) خاصموه في التوحيد.
(٢) حجة وبرهانا.
(٣) لم يخلطوا.
(٤) بشرك أو كفر.