وإبراهيم من سلالة نوح ، وكما هداه الله إلى الحق ، هدى جدّه نوحا قبله ، فآتاه النّبوة والحكمة ، وهي من أعظم النّعم ، فإبراهيم سليل نبي ، وأولاده أنبياء ، فجعل من ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون ، فهي ذرّية طيّبة ، وشجرة مباركة الأصول والفروع. وهؤلاء جمعوا بين النّبوة والملك والحكم.
وأما لوط فهو ليس من ذرّية إبراهيم عليهالسلام ، بل هو ابن أخيه ، ويمكن نسبته لإبراهيم على رأي من يرى الخال أبا ، فدخل في ذرّية إبراهيم تغليبا.
وقوله سبحانه : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) وعد من الله عزوجل لمن أحسن في عمله ، وترغيب في الإحسان.
وهدى الله إلى النّبوة والحكمة جماعة آخرين من ذرّية إبراهيم وهم زكريا ويحيى وعيسى وإلياس ، وكل منهم من الصالحين قولا وعملا ، وهؤلاء جمعوا بين نعمة الدنيا والرّياسة ، وبين هداية الدّين وإرشاد الناس.
وهدى الله أيضا من ذرّية إبراهيم إسماعيل ابنه الصّلبي الذّبيح ، وجد المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، واليسع وهو يوشع بن نون ، ويونس بن متى ، ولوطا ، وكل واحد من هؤلاء فضّله الله على العالمين في عصره ، فكل واحد أفضل من قومه.
ذكرت الآيات السابقة ثمانية عشر نبيّا ، وجعلتهم متميزين بصفات معينة كما ذكرت.
ثم ذكر الله تعالى فضله على هؤلاء الأنبياء في أنه هدى بعض آبائهم وذرّياتهم وإخوانهم إلى الحق والخير ، لا كلهم ، واصطفاهم الله واختارهم وخصّصهم بمزايا كثيرة ، وهداهم إلى الصراط المستقيم : وهو الدين الحقّ القويم.
ذلك الهدى هو هدى الله الخالص وتوفيقه دون هداية من عداه ، والهداية نوعان : هداية محضة لا تنال إلا من الله وهي النّبوة ، وهداية تنال بالسّعي والكسب أو الاختيار مع التوفيق الإلهي لنيل المراد.