وكثرة منافعه ودوام ورقه ، دون سقوط في مختلف الفصول ، وأنشأ الله أيضا مع هذا : الزيتون والرّمان متشابها في المنظر وغير متشابه في الأكل والطّعم ، وذلك كله مظهر من مظاهر قدرة الله تعالى وحكمته ووحدانيته في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
بدليل أن التربة واحدة والماء واحد ، ويخرج منهما أصناف الأشجار والثمار والزروع من طعام وعسل ومسك ونباتات وأعشاب طبية وغير طبية ، وكل ذلك لمنفعة الإنسان وخدمة أغراضه.
فكلوا أيها الناس من ثمر هذه الزروع والبساتين ، واشكروا نعمته عليكم بإيتاء الفقراء والمساكين جزءا من الناتج والغلّة يوم الحصاد أو القطاف ، وهذه هي الزّكاة المفروضة المطلقة في بدء صدر الإسلام ، ثم حددت أصناف الزكاة في آيات مدنية. ولا تسرفوا أيها الناس ، فالإسراف خطأ مطلقا ولو في الشيء الحلال ، ولا تسرفوا في الأكل ، ولا في التّصدق ، إنه سبحانه لا يحبّ المسرفين في أي شيء ، وإنما يحب التوسط.
وخلق الله لكم من الأنعام أنواعا مختلفة ، منه ما يصلح للحمل والعمل والركوب ، ومنه الصغار الذي يتخذ فرشا أي يفرش على الأرض للذبح ، كلوا مما رزقكم الله ، وانتفعوا بلحوم الأنعام وألبانها وأوبارها وشعرها وصوفها ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان ومزالقه بتحريم ما أحلّ الله ، أو إحلال ما حرّم الله ، فإن الشيطان عدوّ ظاهر العداوة للإنسان.
وهذه الأنعام ثمانية أصناف وأزواج وهي الإبل والبقر والغنم والمعز ، وكل منها ذكر وأنثى : كبش ونعجة ، وتيس وعنزة ، وجمل وناقة ، وثور وبقرة.
فما الذي حرّم الله عليكم أيها المشركون : أحرّم الذّكرين من الجمل والثور أم حرّم الأنثيين من الناقة والبقرة أم حرّم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين؟ لم يحرّم الله