ثم أوضح الله تعالى سوء عاقبة من كذب بالقرآن ، فذكر أنه لا أحد أظلم ممن كذّب بهذه الآيات البيّنات ، بعد أن عرف صحتها وصدقها ، وأعرض عنها ، ومنع الناس عن التفكير فيها والإيمان بها ، كما كان يفعل زعماء مكة ، كما قال تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) [الأنعام : ٦ / ٢٦].
ثم هدّد الله وأوعد بالعقاب لكل معرض عن القرآن العظيم ، فذكر أنه سبحانه سيجازي المعرضين الحائدين عن آيات الله أشدّ العذاب بسبب حجب عقولهم ونفوسهم وغيرهم عن هداية الله والإعراض عنها ؛ لأنهم يتحملون وزرهم ووزر من منعوهم عن الحق ، وحالوا بينهم وبين هداية الله ، والإيمان بما أنزل الله ، كما جاء في آية أخرى : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨)) [النّحل : ١٦ / ٨٨].
أي زدناهم عذابا غير عذابهم ، بسبب إفسادهم وصدّهم عن سبيل الحق. وبهذا يتبيّن أنه لا عذر لأحد في الجهل بما جاء عن الله من أحكام وشرائع ، ففي القرآن بيان كاف من الله ، وهدى للزائغين ، ورحمة للمؤمنين. ومن اهتدى بهدي الله فاز ونجا ، ومن استنكف خسر وهلك ، ولا يضرنّ إلا نفسه ، وسيجزي الله الشاكرين.
تهديد المعاندين وترغيب المحسنين
رسالة القرآن المجيد رسالة إصلاح وتغيير شامل للفرد والجماعة ، تبدأ بالعقيدة فالعبادة فالمعاملة ، وتنتهي بنظام المجتمع والأمة ، وإذا أراد الناس بأنفسهم خيرا ، استمعوا لتوجيهات الله تعالى في الحياة ، وبما أن القرآن منبر تربية وتوجيه حكيم حذر من ترك الإيمان بالله تعالى ربّا واحدا لا شريك له ، وحذّر من الفرقة