صافي النفس والفؤاد ، مهذّب المشاعر والإحساسات ، قال الله تعالى : (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨)) (١) [البقرة : ٢ / ١٣٨].
ثم أمر الله نبيّه بأمر خاص به : وهو أن يقول لأتباع الأديان الأخرى الذين زعموا أنهم أبناء الله وأحبّاؤه ، وادّعوا أنهم أولى بالله من المسلمين ، لقدم أديانهم وكتبهم : أتجادلوننا في دين الله ، والدين واحد ، وتدّعون أن دينه الحق ما أنتم عليه ، وتظنون أن دخول الجنة والاهتداء مقصور عليكم ، فالله ربّ الجميع ، ودخول الجنة مرتبط بالأعمال الصالحة الصادرة من أي إنسان دون تعصب ولا تفريق ولا حجر على فضل الله ورحمته ، الله ربّنا وربّكم ، لا فرق بيننا وبينكم في العبودية لله ، فهو مالك أمرنا وأمركم ، ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم الحسنة والسّيئة ، ونحن لله مخلصون في تلك الأعمال ، لا نقصد بها إلا وجهه ، فكيف تدّعون أن لكم الجنة والهداية دون غيركم؟
قال الله تعالى : (قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩)) [البقرة : ٢ / ١٣٩].
ثم حدّد القرآن هوّية الأنبياء السابقين ، وأنهم يلتقون مع خاتم النّبيّين على دعوة واحدة هي دعوة التوحيد الخالص لله عزوجل ، وعبادة الله وحده ، والعمل بالفضائل ، والبعد عن الرّذائل ، وكل أمة مسئولة عن أعمالها الحسنة والسيئة ، والجيل المتأخر لا يسأل عن أعمال الجيل المتقدم ، ولا داعي للافتخار بالآباء والاتّكال على الماضي ، فهذا شأن العاجز الضعيف الذي ينظر إلى الماضي ، ولا يتّجه إلى المستقبل. وأما العاقل فهو الذي يبني مجده بنفسه ، وينجز الأعمال الطيّبة بذاته ، ويعيش عصاميّا معتمدا على ما يقدم ، لا عظاميّا يعيش على أمجاد غيره. هذا طريق
__________________
(١) الزموا دين الله وفطرته.