ولم يكن موقفهم وقولهم أو ادّعاؤهم حين نزل العذاب بهم بالهلاك إلا أن أقروا بذنوبهم واعترفوا بمعاصيهم وقالوا : إنا كنا ظالمين ، وأنهم حقيقون بهذا ، أي لم يصدقوا بوحدانية الله ، ولم يقروا بصدق الأنبياء والرسل عند الإهلاك إلا الإقرار بأنهم كانوا ظالمين ، وفي هذه عبرة وعظة.
قال ابن جرير الطبري : في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قوله : «ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم».
ولنا في واقعنا المعاصر أصدق الشواهد ، فإن المسلمين لما أعرضوا عن كتاب الله ، وانشغلوا بملاذ الدنيا ، ضعفت نفوسهم وفقدوا الثقة بوجودهم ، فهانوا على أئمة الاستكبار العالمي والظلم العنصري والتعصب الحاقد ضد أهل الإسلام تحت شعارات واهية وافتراءات كاذبة.
عاقبة الكفر والعصيان في الآخرة
التهديد بالعقاب والإنذار بالجزاء الرادع في كل نظام من أهم العوامل لتقليل الجريمة ومحاربة الانحراف ، لذا لم تخل دولة من الدول من قوانين جزائية رادعة ، تنصّ على الجرائم والعقوبات المقررة لها ، لينزجر المواطنون ، ويبتعدوا عن المساس بالأمن ، وهكذا شأن الأحكام الإلهية بأشد الحاجة إلى مؤيدات رادعة وزواجر قامعة ، كي يصلح حال الناس ، وتستقيم أوضاع البشر ، فلا جريمة ، ولا إخلال بالأمن والاستقرار. قال الله تعالى مبيّنا وجوب السؤال عن الأعمال وحساب الناس عليها :
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ (٧) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ