وكلما دخلت جماعة منهم النار ، ورأت العذاب والخزي والنكال ، لعنت أختها في الملّة والدّين التي ضلّت بالاقتداء بها ، كما قال تعالى : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [العنكبوت : ٢٩ / ٢٥]. حتى إذا تداركوا (أدرك بعضهم بعضا) وتلاحقوا في النار ، واجتمعوا فيها كلهم ، قالت الفئة الأخيرة دخولا وهم الأتباع والسّفلة ، للفئة المتقدّمة دخولا ، وهم المتبوعون والقادة : يا ربّنا هؤلاء السّادة أضلّونا عن الحقّ ، فأعطهم عذابا مضاعفا من النار ، فأجابهم الله تعالى : لكل منكم ومنهم عذاب مضاعف ، وقد فعلنا ذلك ، أما مضاعفة العذاب للسّادة فبسبب إضلال غيرهم وحملهم الآخرين على اتّباعهم والأخذ بآرائهم ، وأما مضاعفة العذاب للأتباع فبسبب ترويجهم أضاليل السّادة وإهمال عقولهم وأفكارهم. فالعذاب مشدّد على الأول والآخر من الفئتين ، ولكن لا تعلمون المقادير وصور التضعيف. وقالت فئة السّادة المتبوعين للأتباع : إذا كنا قد أضللناكم ، فليس لكم فضل علينا ، فقد ضللتم كما ضللنا ، فنحن وأنتم سواء في استحقاق العذاب المضاعف أو المشدّد ، فإنكم كفرتم وفعلتم كما فعلنا ، فلا تستحقون تخفيفا من العذاب ، فذوقوا وتلقّوا العذاب الإلهي بما تسبّبتم به من الكفر والضّلال.
جزاء الكافرين المكذبين
يخطئ الإنسان كثيرا حينما لا يقدر عواقب الأمور ، ولا يدرك حقيقة ما عليه حاله من انحراف أو ضلال ، حتى وإن تأثر بالتقليد أو عمل بتوجيه بعض المعلمين ، لأن مراجعة الحساب أمر مطلوب لكل عاقل ، وليس كل ما يقوله المعلم صوابا أو صحيحا ، فبعض المعلمين يتأثرون بأفكار دخيلة مغشوشة ، ويخطئون في فهم الأمور ،