السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤)) (١) [البقرة : ٢ / ١٤٤].
ثم ذكر الله تعالى سبب الفتنة وإعراض أكثر أهل الكتاب عن الإسلام وإيمان بعضهم فقال :
(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧)) (٢) [البقرة : ٢ / ١٤٥ ـ ١٤٧].
ولئن جئت اليهود والنصارى بكل برهان وحجة على أن الحق وهو تحويل القبلة من ربّهم ، أملا في اتّباع قبلتك ، ما اقتنعوا ولا صدّقوا به ، ولا اتّبعوك ، عنادا منهم ومكابرة ، فهم لن يتبعوا قبلتك ، ولست أنت بتابع قبلتهم بعد اليوم ، قطعا لأطماعهم في الاتجاه إلى بيت المقدس ، وكيف يرجى ذلك؟ فهم ليست لهم قبلة واحدة ، ولئن اتّبعت أهواءهم أيها النّبي ، مداراة لهم ، وحرصا على اتّباعك والإيمان بك ، بعد ما جاءك من الحق الثابت والعلم القاطع : وهو الدلائل الدّالة على اليقين ، لتكونن من الظالمين أنفسهم ، المستحقّين للعقاب في الدنيا والآخرة.
والدليل على أن أهل الكتاب يعرفون الحق : أنهم يعرفون النّبي صلىاللهعليهوسلم بما بشّرت به كتبهم ، وذكرته من صفات لا تنطبق على غيره ، فهم يعرفون النّبي صلىاللهعليهوسلم كمعرفتهم التامة بأبنائهم ، وإن فريقا منهم عاندوا وكتموا الحق الواضح الذي يعلمونه من
__________________
(١) تلقاء الكعبة المشرفة.
(٢) الشّاكّين في كتمانهم الحق مع العلم به.