وتأييد الباطل على الحق ، والانحراف عن جادة الاستقامة والرشاد. وبما أن هذا الصراع بين الخير والشّر يدوم طويلا ، ويريد الله لمصلحة الناس إعلاء كلمة الحق والخير ، أمر الله المؤمنين في مسيرة الحياة أن يستعينوا بأمور ثلاثة : هي الصبر ، والصلاة ، والشهادة في سبيل الله.
أما الصبر فهو نصف الإيمان ، ودرع أهل العزيمة والإرادة القوية ، وهو طريق النصر والغلبة والفلاح ، والله أكّد في آيات كثيرة أنه مع الصابرين ، يؤيدهم بولايته ورعايته ، وينصرهم بتوفيقه وتثبيته ، ويجيب دعاءهم ، ويعزّز موقفهم ويحميهم من الأذى.
وأما الصّلاة والاستعانة بها فلأنها أمّ العبادات ، وصلة العبد بالله تعالى ، وطريق الفرج بعد الكرب ، واليسر بعد العسر ، وهي تعصم المؤمنين من الانحراف ، وتهذّب النفوس ، وتنهى أصحابها الخاشعين فيها عن الفحشاء والمنكر.
وأما القتال في سبيل الله فهو طريق الحفاظ على الحقوق ، والظفر بالجنة والشهادة ، وأساس تحقيق المجد والعزة والكرامة واستقلال الأوطان ، وصدّ عدوان المعتدين ، واسترداد الحقوق المغتصبة كاغتصاب الصهاينة بلاد فلسطين العزيزة. وقد صحح القرآن الكريم مفاهيم الناس عن الشهداء ، فهم خالدون على مدى التاريخ ، ولهم الدرجات العليا عند الله تعالى. لما قتل بضعة عشر رجلا من قتلى بدر ، ثمانية من الأنصار ، وستة من المهاجرين ، كان الناس يقولون للرجل يقتل في سبيل الله :
مات فلان ، وذهب عنه نعيم الدنيا ولذّتها ، فأنزل الله في قرآنه بيانا قاطعا بأن الشهداء أحياء في قلوب الناس والتاريخ ، وأحياء في قبورهم ، وأرواحهم الطاهرة في حواصل طير خضر تعلق من ثمر الجنة. وجمع الله في آيات خمس بين الصبر والصلاة والاستشهاد في سبيل الله ، فقال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ