وسبب نزول هذه الآية : تغيير عادة العرب في الجاهلية في الدخول إلى البيوت بعد الإحرام بالحج أو العمرة ، فقد كان أناس من الأنصار إذا أحرموا بحج أو عمرة لم يدخلوا الدور من الباب ، فإن كان من أهل المدر (أي المدن) نقب نقبا في ظهر بيته ، وإن كان من أهل الوبر (البدو) دخل من خلف الخباء ، فقيل لهم في القرآن الكريم :
ليس البر هذا ، ولكن البر من اتّقى الله وخاف عقابه ، ثم أمرهم الله بأن يأتوا البيوت من أبوابها ، ويتّقوا الله في كل شيء ، رجاء أن يكونوا من المفلحين.
لقد سوّى القرآن الكريم بين جميع الناس في الدخول إلى البيوت والخروج منها ، سواء أكانوا من أهل المدينة أم من الأعراب والبدو ، فلا يكون الإحرام بالحج أو العمرة سببا في تغيير المألوف والمعروف والعادات ، لأن تقوى الله في القلوب والنفوس ، وليست التقوى في المظاهر والشكليات التي لا معنى لها ، إن الإسلام يقرّ ما ينسجم مع العقل والمنطق ، وينبذ كل المظاهر الجوفاء ، والأشكال التي لا معنى لها ، فأي ارتباط بين الإحرام بالحج وبين الدخول من الباب الخلفي للبيت؟ ولماذا يسمح للقرشيين بالدخول من الأبواب الإمامية ولا يسمح لغيرهم بذلك؟ إن الدين واحد ، والهدي واحد ، والناس جميعا سواسية في أحكام الشريعة.
قواعد القتال
علّمنا القرآن الكريم في سورة البقرة في ستّ آيات ستّ قواعد في القتال في سبيل الله ، لمعرفة أسباب مشروعية القتال وغاياته وآدابه وزمنه. وأول هذه القواعد : أن القتال في سبيل الله أذن به الشّرع لردّ العدوان وحماية الدعوة وحرية الدين ونشره في العالم ، قال الله تعالى :