(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)) [البقرة : ٢ / ١٩٠].
نزلت هذه الآية لما صدّ المشركون رسول الله وأصحابه عن البيت الحرام في السنة السادسة من الهجرة ، ثم صالحوه صلح الحديبية على أن يرجع عامه ، ثم يأتي في العام القابل ، على أن يخلوا له مكة ثلاثة أيام ، فيطوف بالبيت الحرام ويفعل ما شاء ، وخاف المسلمون أن لا تفي لهم قريش بذلك ، وأن يصدّوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم في الشهر الحرام ، فأنزل الله تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) يعني قريشا.
القاعدة الثانية في القتال : أن القتال حين الاعتداء يجوز في أي مكان ، قال الله تعالى : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١)) (١) (٢) [البقرة : ٢ / ١٩١] أي قاتلوهم إذا أدركتموهم وصادفتموهم على أي حال ، وأخرجوهم من مكة حيث أخرجوكم منها ، وفتنتهم المسلمين في الحرم عن دينهم بالإيذاء من مكة حيث أخرجوكم منها ، وفتنتهم المسلمين في الحرم عن دينهم بالإيذاء والتعذيب ومصادرة الأموال ، والإخراج من الوطن ، كما يفعل الصهاينة الآن بعرب فلسطين ، أشدّ قبحا من القتال في الحرم ؛ لأن الإيذاء والاضطهاد على العقيدة أمر خطير وشرّ وبيل.
القاعدة الثالثة : أنه لا يبدأ المسلمون قتال غيرهم في المسجد الحرام (٣) في مكة حتى يبدأهم الأعداء ، فإن قاتلهم أعداؤهم ، جاز القتال وردّ العدوان ، حتى ينتهي المعتدون عن عدوانهم ؛ لأن الشّر بالشّر ، والبادئ أظلم ، قال الله تعالى :
(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ
__________________
(١) وجدتموهم.
(٢) الشّرك بالله وهم في الحرم.
(٣) في الحرم.