وكل من الزيادة والنماء داخل في رزق الله المحدد لكل إنسان ، لأن الله هو الخالق الرازق الذي يرزق الإنسان من تاريخ ولادته حتى وفاته ، ثم يميته بعد حياته ، ثم يحييه يوم القيامة للحشر والبعث ، هل من آلهتكم أيها المشركون ، الذين تعبدونهم من دون الله وجعلتموهم شركاء ، من يفعل من ذلك شيئا ، أي من الخلق والرزق ، والإماتة والإحياء؟! لا يقدر أحد منهم على فعل شيء من ذلك ، تنزه الله وتقدس ، وتعاظم عن أن يكون له شريك أو نظير ، أو ولد أو والد ، بل هو الله الواحد الأحد ، الفرد الصمد. وهذا تقريع وتوبيخ للكفار المشركين.
إن من يعتقد بأن الله وحده لا شريك له هو ربه وخالقه ، وهو معبوده بحق ، يتجه إليه وقت الشدة والرخاء وفي كل حال ، يحقق له آماله ويرزقه من خيراته ما يشاء.
جزاء المفسدين والصالحين
لقد تعقدت الحياة ، وظهرت فيها ألوان مختلفة من الفساد والأطماع ، وتفنن الناس في ابتداع المنكرات وأصناف الأذى والضرر بأنفسهم وبغيرهم ، وبقي أهل الإيمان الحق في حصن حصين من الانزلاق والتردي في الضلالات ، وأقبلوا على ساحات الرضا الإلهي بدافع من ايمانهم بربهم ، وترقبهم مقابلة خالقهم ، والاستعداد لعالم الجزاء والحساب الشديد. واقتضى العدل الإلهي أن يجازي الله المفسدين بإفسادهم سوء العاقبة والمصير ، وأن يكرم الصالحين المؤمنين بأفضاله ومكارمه ، والله في حال العقاب ساخط غاضب ، وفي حال الإحسان راض عفوّ كريم ، قال الله تعالى مبينا قانون الحساب الإلهي :
(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ