أي الناس شر؟ قال : الذي لا يبالي إذا رآه الناس مسيئا. وهذه نصائحه في قول الله تعالى :
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥)) [لقمان : ٣١ / ١٢ ـ ١٥].
المعنى : تالله لقد أعطينا لقمان الحكمة : وهي العلم النافع والعمل به ، ومن مقتضى الحكمة : أن اشكر لله شكرا جميلا على نعمه ومواهبه ، ومن يشكر الله فإنما يشكر لنفسه ، أي يحقق النفع والثواب لنفسه ، وينقذها من العذاب ، ومن جحد نعمة الله عليه ، فأشرك به غيره ، وعصى أوامره فإنه يسيء إلى نفسه ، ولا يضر أحدا سوى ذاته ، فإن الله غني عن العباد وشكرهم ، لا تنفعه طاعة ، ولا تضره معصية ، محمود ، أي مستحق الحمد بصفاته وذاته ، فهذا أمر بالشكر.
ثم حذر لقمان ابنه من الشرك بالله ، فاذكر أيها النبي حين أوصى لقمان ابنه بوصية أو موعظة ، فقال له : يا ولدي ، اعبد الله ولا تشرك به شيئا ، فإن الشرك أعظم الظلم ، لتعلّقه بأصل الاعتقاد فهو أعظم جرم ، ولكونه وضع الشيء في غير موضعه ، فهو ظلم محض لا موجب له ولا سبب لوجوده.
ثم تخلل بين وصايا لقمان وأثناء وعظه اعتراض بآيتين ، موجهتين من الله تعالى ، لا من كلام لقمان على الراجح ، مفاد الآية الأولى : ولقد أمرنا الإنسان وألزمناه ببر والديه وطاعتهما وأداء حقوقهما ، ولا سيما أمه ، فإنها حملته في ضعف على ضعف ،