المؤمنين : هنيئا لك يا رسول الله ، قد علمنا بما يفعل بك ، فما ذا يفعل بنا؟ فأنزل الله : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ) الآية [الفتح : ٤٨ / ٥] ، وأنزل في سورة الأحزاب : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً).
والمهمة السابعة : لا تطع أيها النّبي الكافرين بنبوتك ، ولا المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، واترك إيذاءهم وعقابهم ، أي اصفح عن زللهم ولا تؤذهم ، وفوّض أمرك إلى الله تعالى في كل ما تعمل وتذر ، وثق به ، فإن فيه كفاية لهم ، والله هو حافظك وراعيك ، وكفى بالله كافيا عبده ، وذلك حق مطلق : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزّمر : ٣٩ / ٣٦].
ثم عاد البيان القرآني لتفصيل حكم عدة ومتعة المرأة غير المدخول بها ، بعد بيان عدة زينب المدخول بها ، في حال طلاقها ، فيا أيها المصدّقون بالله ورسوله ، إذا تزوجتم النساء المؤمنات ، ثم طلقتموهن قبل الدخول (أو البناء) بهن ، فليس لكم عليهن عدة تستوفون عددها ، ولكن قدّموا لهنّ بعد الطلاق تطييبا لخاطرهن متعة : وهي كسوة كاملة تليق بكم وبهن بحسب الزمان والمكان ، وطلقوهن طلاقا لا ضرر فيه ، بل إنه متّصف بجمال التسريح : وهو ألا يطالبها بما آتاها ، ويحسن عشرتها ، ويكلمها بكلام طيب دون أذى. فقوله : (تَعْتَدُّونَها) من العدّ. وتخصيص المؤمنات بالذّكر : (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ) إرشاد إلى الحرص على الزواج بالمؤمنات ، فإنهن أشدّ تحصينا للدين.
وهذه الآية خصّصت آيتين : إحداهما : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢ / ٢٢٨] فخصصت هذه الآية من لم يدخل بها ، وكذلك خصّصت من ذوات الثلاثة الأشهر : المرأة اليائس من الحيض ، والصغيرة التي لم تحض قبل الدخول في آية : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ ..) [الطّلاق : ٦٥ / ٤] فهاتان قبل الدخول لا عدة عليهما.