سنة الله في خلقه ، فقياسكم الآخرة على الدنيا خطأ محض ، وليس الأمر كما ظننتم ، بل بسط الرزق وتقديره أو تقتيره معلّق بالمشيئة الإلهية ، في الكافر والمؤمن ، وليس ذلك دليلا على رضا الله والقرب منه ، لأنه قد يعطي الرزق أملا واستدراجا ، ولأن أساس التقرب من الله هو الإيمان والعمل الصحيح فقط.
وليست كثرة أموالكم وأولادكم دليلا على محبة الله لكم ورضاه عنكم ، ولا هي مما تقربكم إلى رحمتنا وفضلنا ، لأن التقريب إنما هو بالإيمان والعمل الصالح ، فالمؤمنون بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر ، الذين يعملون صالح الأعمال من أداء الفرائض والطاعات هم المقربون لله تعالى.
أما الذين يحاولون الطعن بآياتنا مغالبين زاعمين التفوق ، فهم جميعا مقدّمون للعذاب ، من غير مهرب ولا إفلات ، وبيان حال هؤلاء المؤمنين بعد بيان حال الكافرين وتوضيح جزاء كل فريق ، ليظهر تباين المنازل ، وتكون المقارنة حافزا على الاستقامة ، وترك الضلالة.
ثم أوضح الله تعالى نظامه في الإمداد بالرزق ، فأمر نبيه أن يقول : إن ربي وحده هو الذي يوسع الرزق على من يريد من عباده ، ويضيّقه على من يريد ، على وفق ما يجده من الحكمة السديدة التي لا يدركها سواه.
وليطمئن كل إنسان على رزقه ، فكل ما تنفقونه أيها الناس في فعل الخير ، فالله يعوضه عليكم بالبديل في الدنيا ، أو بالجزاء في الآخرة ، والله هو الرازق في الحقيقة ، وما مساعي الناس إلا وسائط وأسباب ، وهذا تزهيد في الدنيا ، وترغيب في عمل الخير ، والإنفاق في مرضاة الله تعالى.