ليسمع الآخرون. فقالت الملائكة : سبحانك ، أي تنزيها لك يا رب عن الشريك وعما فعل هؤلاء الكفرة ، نحن عبيدك ، وأنت مولانا وناصرنا ، ومتولي أمورنا ، ونتبرأ إليك منهم ، ولم نتخذهم عابدين ، بل إنهم كانوا يعبدون الشياطين ، أكثرهم مصدّقون بهم ، فيما يلقون إليهم من الوساوس والأكاذيب. فقولهم (أَنْتَ وَلِيُّنا) يريدون به البراءة من أن يكون لهم علم أو رضا أو مشاركة في أن يعبدهم البشر.
ثم يعلن الله إفلاس المشركين ، ففي يوم القيامة لا يملك أحدهم للآخر نفعا ولا ضرا ، ولا يتحقق لهم منفعة من الأصنام والمعبودين ، ولا يجلبون لهم ضررا أو سوءا. وحينئذ يقول الله توبيخا وتقريعا للذين ظلموا أنفسهم بالشرك والضلال : ذوقوا عذاب جهنم ، الذي كنتم تكذبون بوقوعه في الدنيا ، فأنتم الآن في حميم النار ، وفي لظى السعير.
وأسباب استحقاق الكفار نار جهنم ثلاثة : الطعن بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، وبالقرآن المجيد ، وبالإسلام كله.
أما الطعن بالنبي : فإذا تليت عليهم آيات القرآن الواضحة الدالة على إثبات التوحيد ، وإبطال الشرك قالوا : ما هذا الرجل ، أي محمد إلا رجل يريد صرفكم عن دين الآباء والأجداد من عبادة الأصنام.
وأما الطعن بالقرآن : فإنهم يقولون أيضا : ما هذا الكتاب ، أي القرآن إلا إفك مفترى ، أي كذب مختلق من قبل محمد ، ويدعي أنه من عند الله.
وأما الطعن بالإسلام كله : فإنهم يقولون : ما هذا الدين أو الإسلام إلا سحر ظاهر ، بما اشتمل عليه من استجلاب النفوس واستمالة الأسماع. تعالى الله عن أقوالهم ، وتنزه شرع الله عن طعنهم.
إنهم يقولون بآرائهم الباطلة هذه الأقوال ، من وصف كتاب الله بالسحر أو